الأربعاء، 28 أكتوبر 2015

مساء الفراشات.

..

مساءً. كانت الفراشاتُ أمامه، وكان فرِحًا، خجولًا جدًا.
.
لا تسلْني عن وجهِ عاشقٍ يرى محبوبتهِ، أو شيئًا يخصها، شيئا منها، شيئًا تحبه. لا تسلْني عن ذاك البريق الهائج في عينيه، عن الكون المتفتح بين ضلوعه، عن الربيع الذي يجبره على الابتسام، والضحكة الخافتة تؤازها دمعة ماكثة طويلًا، مرآة فَتاته تلك الدمعة، لذلك سيُغمض عينيه عليها؛ لئلّا تُرى.
.
مساءً، كان يطيرُ أكثر من المعتاد، وهو المنكفئ على نفسه، لا يُحلّق خجلًا. حلّق أمام الفراشاتِ التي تشبهها، أمامَ الحياةِ الضاحكة، شفتاه ابتسامة الربيع، ابتسامة الأرض عند قطرة السماء الأولى بعد زمن انتظار. يبتسم كأنما يعرف طعم السعادة للمرة الأولى. ويستنشقها.
كم أحبّ هذا الطّغيان الشعوري، الارتباك. الخجل.

.
مساءً، كان لا يرى إلَّاها. كانت لا ترى إلّاه. كانا عصفورَين. ولا تسلني عن العصافير التي يشفّ عنها القلب. التي تغردُ رغمًا عنه، رغمًا عنها. كنتُ أبتسم لأني أحب أن يتصالح الكون مع الكائنات أحيانا. حتى ولو كان التصالح مؤقتًا. حتى ولو لم يتصالح معي. أحبّ أن أرى ذلك الوهج. ذلك الصخب الهادئ، الصامت. الذي يُنسيكَ لوهلةٍ خساراتكَ وانهزامكَ أمام الأشياء. ينسيكَ الوقت الثقييييل. أحب الخفة / الرقة / الانسجام / التماهي. أحبّ السكون والعمق.
.

هناك. للحظات. كنت أسعد من أي كائن آخر. ممتنة، في داخلي صوت " ربِح البيع ... ".

الأحد، 11 أكتوبر 2015

إليكِ ..







#إليكِ
.
منذ صغركِ، كنتِ تعلمينَ أنّك فاشلة تماما في عمل المشغولات اليدوية، واليومَ آمنتِ أكثر، حين انتكأ قلبكِ وباشرتِ خياطتهُ فغرزتِ أصابعكِ.
.
ليسَ لكِ من الأمر شيء. ليسَ لكِ صوتٌ تدفعينَ به تهمةً ملقاةً تعَبًا. وليس لكِ أن تقفي لتعلنِي أنكِ إنسانة مثلًا، وليس هنالك جمهور يدلكِ عليكِ ويحييك. وليس لك أن تنزعي ستركِ عن الغصة الممتدة في قلبكِ / رئتيكِ / وذراعكِ إلى أطرافكِ. أنتِ تقفينَ ماثلةً أمام السّهام طوعًا، وهناك .. كان ينحتُ أكثر.
.
عالقةٌ بينكِ وبين ازدحام الفراغ حولكِ، ليس ثمّة مهربٍ ولا مَنفى إلّا فيك وبك وعليك ومنك و ...
.
أنتِ.. في نظرِ الجميع الآن. في عدادِ الـ..
إلا في نظركِ. هذا ألطف ما تبقّى الآن.
.
قولي شكرًا رغم ذلك. لقد تعلمتِ كثيرا.
.
نامي. واحلمي مرارًا برسالة كان من المفترض أن تكون. ولم تكن.
.
#إليكِ
.


كنتِ تعلمينَ أنّ الثمن قلبكِ، وكنتِ مستعدة للتضحية. الآن أنتِ مستعدةَ أكثر.
تنضجينَ يا صديقة على وجَع ليس هادئ على الإطلاق، وتبدين رغمَ ذلك هادئة. هادئة من فرط النّضوج. تحترقينَ بلذّةٍ، وتعبرينَ الوجع ممتنّة.
يا صديقةَ الوقتِ الوحيدة. خبئي صوتكِ في معطفِ الليل، واغتسلي بضَوء الفجر. هذا الكون لا يأبهُ بكِ لكنه ما يزال مُحتاجًا إليكِ. يا وطنَ الغناء. يا منفَى العابرين. في الصّباحِ كوني الكَون، كوني الملجأ. وتملّصي من كينونتك ليلًا. حينَ تكونين لكِ.

.

.
إليكِ / سيّدةَ الليلِ الطّويل، الليل المتساقط على الأكتاف. سيدةَ النور، تصنعين الفجرَ بيديكِ، وتنجينَ من قلق الكون بأُعجوبة، وتسترخين في قلقكِ البعيد.
إليكِ سيدةَ الأقمارِ، ترتّبين المنازل. وتختبئينَ كاللاشيء في عتمة السّماءِ.
إليكِ / سيدةَ الزمان. تعودين إلى الخلفِ كي تتقدّمينَ. وتتقدمينَ كي تتحدّينَ الذاكرة القابعةَ خلفكِ.
إليكِ / وريثةَ الشّوق من زمن العابرين. يحنّ القلب منكِ إلى الراحل إلى الأبدِ لا إلى الباقين. تختنقين بالوِحدة وتلوذين بها وتتنفسين.
.
إليكِ / سيدةَ القلقِ المؤبّد. قبلَ استدارتكِ الأخيرةِ، تنبهي إلى الوردِ الذي سقيتيه. لقد كبُر. لا تقطفي شيئًا. أنتِ الناجي الوحيد في هذا الدّوران اللانهائيّ. وهذا الطّواف. قبل أن تديري إليّ ظهركِ. وقبل تكوّمكِ حولَ أضلاعكِ وقلبكِ. قولي لك شُكرًا. أنا الكون الوحيد الذي يحبّك. أحبّيكِ معي.
.

الأربعاء، 30 سبتمبر 2015

نِهايَة


‏تغرّبْ كما شئتَ
وازهدْ طويلا.
وعانقْ غيابكَ. نِعم الغيابْ.

سيلقاكَ يومٌ، يدلّكَ
أنّ الحياةَ تشرّعُ في العمرِ
بابْ.

‏قد اخترتَ
فارغبْ إليكَ.
فـ بيني وبينَ طريقكَ
ألف حجابْ.

سأنسى - كما أنتَ تنسى -
وتصبحُ ذاكرةُ الأمسِ
يومًا
يبابْ.

‏كمَا كنتَ ترجُو الغيابَ
أتاكَ.
ولكنْ سيعصيكَ يومُ الإيابْ.

إذا لفظَ القلبُ ما كانَ
يهوى فلا تأملنْ أن يردّ
جوابْ.

‏حسبتكَ وِرْدًا ولمّا
اقتربتُ تشتّتتَ في ناظِريّ
سَرابْ.

سأركضُ..
حتّى يبرّ بقلبيَ
مُغتَسلٌ
باردٌ وشَرابْ.

‏بيمنايَ غادرتُ
قلبكَ طوعا
بيُسراكَ خُذ مِن 
فؤادي كِتابْ.

وقلِّبْهُ تعلمَ أنيَ
- رغم الذي كان منكَ -
يسير الحسابْ.

الأحد، 30 أغسطس 2015

أمان ..

.
تغفو على الأكتافِ الحياةُ، تقصرُ قاماتنا من ثقلها. ولا نوقظها لئلّا نزعجَ الحالمينْ.
.
الوقتُ دهرٌ، والأماكنُ ممتدة إلى الـ لا نهاية، إلى البعيد البعيد. السماء غادرتنا منذ زمن. والأرض ترجف من تحت أقدامنا رجفة المصابِ بالحُمّى، رجفةَ الملدوغ.
.
تتماثل الوجوه. لا وجه يشبه الآخر ولا وجه مختلف. كل شيء يتماهى مع ما حوله، بالكادِ نجد وجوهنا لنميّزها، بالكاد نلتقطُ صورتنا في المرايا ونصيح: هانحن إذن. كبرنا.
.
اللؤم. شعار المرحلة. ويتنافس المتنافسون يا صاحبي كي يحوزوا الشرف، شرف اللؤم. وأشد ما أكره في الحياةِ الإنسان اللئيم - إذا ما سُمّيَ إنسانا - وأشدّ ما أجاهد.
.
أريد أن أُثبتَ لنفسي المزيد من: خُلقتِ وحدكِ وسترجعينَ وحيدة.
التشبّث بالأشياءِ هنا يشبه الانتحار. يلقيكَ في الدركِ الأسفل من الوجعِ. ثمّ قاسِ إلى ما شئتَ من ألمٍ، ومُت قبلَ أوانكَ بأمدْ. والحياة يا صاحبي لا تحمي المتشبثين.
.
صيّرني غيمةً، أو طيفًا يلقي على البشر أحلامهم البعيدة. أو يرسم أحلامًا جديدة. كي أبتسم. حرّرني من أنانيتي وقلقي عليّ كي أقفَ على أعتابِ الكون، وأدرك قلقه. امنحني خفّة الزاهد، يدَ الباذل، قلب الأمّ، دهشة الطفل، وأمان العائد إلى الوطن الذي يهوى. امنحني الأمان.

الاثنين، 17 أغسطس 2015

ثرثر ما استطعتْ.



.
يُغلَق باب. يُشرَع آخر. يغلق آخر. يشرع ما بعد الآخر. وهكذا دواليك، لمدة حياة. حياة كاملة.. منذ الشهقة الأولى. حتى الزفير الأخير.

.
يقول أحد الشعراء النقاد، فيما معناه - حيث الذاكرة أضعف من أن تحفظ- : " اسمك أيها الكاتب عزيز كثيرا. تأكد من أي شيء تكتبه قبل أن تنشره على الملأ مذيلا بك. باسمك ". رغم هذا - أيّها الأستاذ الكبير - أنا أكتب ما أشاء، ولا ألتفت إلى اسمي إلا بعد أن يلتهم الإحراج ما تبقى مني أو بعد أن تضطر ملامحي لاصطناع الابتسامة. وتكلّف الشكر على الثّناء الذي يعني الشفقة. نحن نعرف أنفسنا كثيرا يا أصدقاء، لا تبتذلوا شيئًا. ولا تتكلّفوا معنى.

.

تنسى موعد الدواء للمرة التاسعة والعشرين بعد شهر من استلامه. تأخذه كل سبع وعشرين ساعةٍ، وألم واحتمال، بديلًا عن موعده كل أربع وعشرين ساعة. وتفادٍ. وقوة.
ليس لها من الأمر شيء. تشبه الأشياء حين تخرج من السيطرة كثيرا بالون الهيليوم الذي يفلت من قبضة طفل في زحمةٍ كل شيء، كل أحد. تخنقه الغصة، تنكسف شفتاه إلى الأسفل وتتصاعد أنفاسه لكنه يقبض دمعه حتى لا يغيب والداه عن عينيه وسط الزحام، ثم يصبح القلق أشد والخيبة أسوأ. يلحق بهما. ويطير البالون إلى المالانهاية. أحسد البالون أحيانا. التصريح بالطيران هكذا دون تكلّف أمر ماتع حقًّا. أحسد البالون حتى يمر عليه طيرٌ ما. ثم أشعر تجاهه بالشفقة.

.
تخطط لقراءةِ ألف كتابٍ، تمسك الأول، تحضّر الشّاي أو القهوة - تصنع جوًّا -. تخرج إلى الأرجوحة، أمام الشجرة التي تسجد بديلا عن الوقوف، أحسبها ستفترش مساحة البيت بعد مدة، تجلس، تشرب الشّاي، تحدق في الشجرة، تصمت. تسرح. تتخيل. تتذكر. تؤنب نفسها: يجب أن أنسى. تتذكر. تغرق في الشجرة وما خلفها وما حولها، وتخرج بحوار أو صراعٍ داخلي، ثم تعود، تضع الكتاب مكانه. في أحسن الأحوال، تكون قد غيّرت مكان فاصل الكتاب بمقدار صفحة واحدة، هذا في أحسن الأحوال.

.
يحمل الإنسان نفسهُ غالبًا إلى النهاية البعيدة. رغم أنه كان بإمكانه أن يصنع نهايةً أقرب. يحمل قلبه بيديه ويملؤه بما استطاع مما لا يجب كي يتلفَ أكثر. " كي يتعلم " تقول لذاتها. سيكفر بها القلب ذات درس من فرط ما تعلّم على يديها. أجزم بذلك. ينفق الإنسان كثيرًا كي يحصل أكثر. احزر كم يحصل حين ينفقُ نفسَه؟
.

الصّوت / الرائحة / والأطياف. تبدو شديدةَ اللؤم. شديدة النّفاذ. أشعر بها تتنافسُ فيمن يقوى أن يهشّم أكثر. تسري قوانين الغابِ على الذاكرةِ. تمشي بها أبدًا.
.
تبطرُ على الحاجةِ لكلّ شيء. أو ربما لا تبطر. المهم أنها لا تحب اللجوء، ولا تحب الاعتماد. تحب أن تكون ملجأً، وملاذًا. كزاهدٍ في صومعة. تمامًا. ليس مديحا بالمناسبة. هذا تشبيه طارئ.

لماذا نُخلق فرادى إذا كان أحدنا سيحتاج إلى الآخر بعدئذٍ؟

تتمنى لو أنها خلقت لكي تُعطي أبدا. ولا تأخذ إطلاقًا. تتمنى كثيرًا.
يبدو أن حياتها ستكون مليئة بها وحدها. تتمنى ذلك، أو ربما تكذب.
.

" يبدو أن أخاك الصغير يأخذ ملامحك كثيرًا ".
تحمله إلى المرآة، وتقرب وجهيهما، ثم تُسرّه أنهما لا يتشابهان إطلاقًا، وأن الناس لا يرون جيدا. تؤمّله أنه سيبدو أجمل. تُدهش الطفل المرآة حين تكررهما مرتين. ويبدأ يطابق الصور. ثم يضحك. وحديثها هواء. لكنها تعتقد أن الطفل يختزن ما يسمع، ثم يصبح عليه أن يعيد شريط التسجيل ذات فراغ عندما يكبر.

.
كم مرّة نتهشّم أمام المرايا كي نعرفنا؟
تغرق في التفاصيل، تجرب ملامح مختلفة، تبتسم، تضحك، تبكي، تندهش، ترفع حاجبًا، وتنزل آخر، ترفع اثنين، تغضب، تفتح عينيها على اتساعهما. " تستهبل " تمسك قبضةَ ماء وتصفع وجهها به حَنَقًا. تتهشّم، تبتعد. هنا تكتمل الصورة تماما.

.
تضع السّماعة على أذنيها، إحدى الجهتين لا تعمل، يدخل الصوت من جهة ويخرج من أخرى. تماما مثل الوعي أو الدرس الداخل من أذن والخارج من أخرى. تهرب إلى مكتب أختها، تأخذ سماعة جديدة. ثم يحلو الضجيج. حين يضجّ الداخل، ننافسه بضجيج الخارج الذي نحدثه بأنفسنا، وما دامت لا تملك ضجيجا. تضع السماعة.. وتحاول الكتابة والغناء في الآن ذاته.
.
تثرثر كثيرًا هنا، بمقدار صمتها كلّ حين. يخيّل إليها أنها ستستطيع كسب فرصة للدخول في موسوعة غينيس في أطول فترة صمت. وأطول فترة تحديق دون معنى.
مرّ عليها زمن دون أن تثرثر. كانت " تحافظ على اسمها عزيزا " كما يقول الشاعر الناقد.

ماذا جَنينَا من وَرا الأسماءِ؟
وتهشِّم الأرواحَ قبضةُ ماءِ !
..
ثم لا قصائدَ لا عناوينَ لا رسائل لا مقاصدَ لا ألغاز.
.
تغمضُ عينيها. ربما ستنام بعد الثرثرة كي تصحو. ربما ستنام بعد الثرثرة كيـ لا.
.







الخميس، 6 أغسطس 2015

هذَيان.

-
صباحًا.. يبدو اليوم مختلفا جدا، يبدو أكثر اختناقا.
تفتح شبابيك قلبها قبل النافذة، تُوقد الشمسَ في داخلها قبل أن تدخل إليها دون عناء. ثمّةَ نور ناقص. ثمّة كسل.

تصبح الابتسامة شيئًا مترَفًا وصعبا جدا، يصبح الحوار مع الآخرين مستحيلًا، يصبح كل شيء عكِرًا، حتى بكاء الطفل البالغ أربعة أشهر بالكثير. يصبح ضجيجًا، صخبا.

( أصبحنا وأصبح الملك لله ). تذكرت أن تقولَ بعد غفلة.
جيد أننا نستطيع استحضار شيء ما في وقته. مرّ على استحضارنا الأشياءَ في وقتها زمن طويل.

تقف، يعصف بها دوار الكون كلّه، الكون ليس ثابتا إطلاقًا، وهذا الرأس يحمل كل شيء قابل للدوران. ويدور بها.
تقف مدة حتى تثبت الأرض بها، وتستطيع تمييز الأشكال أمامها. أحيانا، تبدو الأشياء المبهمة أجمل، كما يرى ناقص النظر الكون عندما يخلع نظّارته. كل شيء يبدو متشابها، وبسيطا جدا. كما نبدو ونحن مجرّدين من أي فكرةٍ أو انتظار أكثر خفّة، وأكثر اتزانًا.

تمارس يومها - ثقيل الظل - كما يليق به. كأنها تنافس الثقل، وهي تعرف أن هذا غباء على أقل تقدير. وحمق.

تهذي، تتكلم. تريد أن تقول أن الضربة تكون أقسى كلما كان صاحبها أقرب. الضربة التي تجعلك تتخدّر فيما بعد، وتحتمل كل ضربة أخرى، دون أدنى شعور. تقول دعونا من هذيان أن المرء لا يجب أن يلتفت إلى الآخر أو أن يجعله متحكما في مزاجه، قسرا عليك سيتحكم أحدهم في مزاجك، ويعكر بعضهم يومك، ويفتح لك آخر باب الحياة. لا تخدع ذاتك.


الاثنين، 3 أغسطس 2015

عَودة.

لَنا في الخطوِ
في الأوهامِ
في الأيّامِ
ألفُ عِظَةْ
وحسْبُ المرءِ
أحلامٌ تعوّضهُ
أسى اليَقَظةْ.
.
كمرّ سحابةٍ تمضي
بنَا هذي الحياة
سُدى..
هلِ ادّاركْتَ؟
- تسألني -
وما يجد السؤالُ صَدى.
.
خفيفًا
مثلَ ظلّ الطيرِ.. أرجو
أن أُرى. نَسمةْ.
أمرّ كأنني لا شيءَ.
أُهدي النورَ للعتمَةْ.
.
أمرّ ولا تدوسُ خطايَ
قلبًا.. ثم توجِعهُ.
ولا تأتي على جُرْحٍ
قديمٍ.. ثمّ تُرجعهُ.
.
ولا تقسُو على أحدٍ
فتفطرُ عينَه دمعَةْ.
وتوقد بسمةً بيضاءَ..
تحرقُ للأسى
شمعَةْ.
.
متى نمشي ويعرفُنا
الطريقُ النورُ.. والحقُّ؟
وينبتُ حولنا وردُ الرِّضا..
ويحثّنا الشوقُ؟
.
متى ننسى
فلا حزَنٌ، ولا أسفٌ، ولا قلقُ؟
متى نرنو إلى الأحلامِ
لا خوف ولا أرقُ؟
.
متى؟
والفطرةُ البيضاءُ تطرقُ
للهُدى بابًا.
- شقيٌّ عاد من صخبٍ..
ومن دربِ الهَوى آبَا.
.
سيَسقي اللهُ فطرتهُ
لتُزهرَ.. جنةً ورِضَا.
ويمضي .. أينمَا
وجدَ السبيلَ الحقَّ
فيهِ مَضى.
.
نمرّ.. وألف مثقالٍ
نحمّلها على الكتِفِ..
نعودُ إليْهِ.. يَقبلنا
فرَبُّ العائدِينَ يَفِي.
.

خِفافًا.. لا نرى ألَمًا
ولا يغتالُنا البُؤسُ.
فهلْ مِن عوْدةٍ أحْلى
تَبرّ النفسَ.. يا نفسُ؟

السبت، 1 أغسطس 2015

تحيّة.. وبعد

-
العَتمة الشديدة، أوّل دلائل طلوع الفجر. كان شمس يفكّر بينه وبين ذاته الواسِعة.

يمدّ يدهُ، تغرق في العتمةِ، لا يراها، تمتدّ إليه يدٌ، تحاول الإمساكَ به، يطفو. يمتنع. يريد أن يمدّ يده فيَصل هو.

يسمع نداءَ قلبهِ، يمتلئ به، ويُريبه أن ليسَ هنالك صدى. ونداء آخر من بعيد، ينادي لـ شمس، لكنه يتجاهل. يريد صوتَ داخلهِ هو.

يعرف شمس أنّه ركن ثبات على هذه الأرض. وأن الكلمة حين ينطقها تنساب قصيدة، وأن الورد يمتلئ حين تقبضه أنامله عبيرًا. يعرف أنه أقرب ما يكون إلى السّماء، وأن الليل الطويل دليل على صبحٍ قريب.
.
يغرق الأمل، يغرق عميقًا. وينجو شمس لأنه متسع للحياةِ رغما عن كلّ شيء. يغرق الأمل، وتنهار الدموع، وتَحترق الابتسامة. لكن شيئًا لا ينطفيء، قلب شمس. كان دائما مُضاء، ولم يزل.

مما يحقق الإنسان قلبه، ومما يحقق قلب الإنسان أن يُوقدهُ دائمًا بما بقي من شُعلٍ وأن يُطفئ منه جذوة الـ كلّ إلا نفسي.

.
إلا قلبكَ شمس. أوقدهُ رغم اليأسِ. وأطفئ به حرائقنا.






الجمعة، 17 يوليو 2015

عِيد.


.
متى العيدُ؟
.
عندَ ابتداءِ الهِلالِ
لـ عمرٍ سَعيدْ.
يرتّب فيهِ المنازلَ
حتى نَراهُ
إذا ما نظرنا
فريدْ.
يبادلنا الوعدَ أنّ الليالي
ستأتي كمَا نحن
دومًا نريدْ.
.
متى العيدُ؟
.
بعدَ اكتمالِ الشروقِ،
نصوغ حكاياتنا، ذكرياتِ الطفولةِ.
لمّتُنا حولَ جدٍّ حبيبٍ
وصوتُ قصائدهِ
كَالموسيقى. كترتيلِ وحيٍ
أتى من جديدْ.
.
تسابُقنا للجبينِ
النديّ، لكفٍّ مجعدةٍ
تستلذّ الشفاهُ بها القبلاتِ
يعود إلى الروحِ
دفءُ البدايةِ
- رغمَ السنينَ -
نقاءُ الوليدْ.
.
متى العيدُ؟
.
لمّا أناديهِ: عمّي.
وقلبيَ لهفةْ.
فيحضنني، أستعيدُ الحياةَ. أطير
بخِفّةْ.
أعود إلى ركنهِ
كلّ حينٍ، يُسابقُني العيدَ
يكسِرُ عزمَ الأنينِ
وأنفَهْ.
.
متى العيدُ؟
.
لمّا أراكَ .. أراهُ.
بكَ العيد يبلُغني منتهاهُ.
" سلامًا أبِي " فيغيبُ سِواهُ.
ويسكن قلبي، إلا هواهُ.

" سلاما ". .
جهاتُ الزمانِ.. تميلُ
وأنتَ تُعيد الجهاتِ إليَّا
يباغتني الهمُّ، طيفًا
فيهطلُ دمعُ فؤادِك..
حزنًا سخِيًّا
رضيتُ، وما ضرّ سخط الحياةِ
إذا كنت ترضى حبيبي عليَّا
.
متى العيدُ ؟
.
لمَّا بحضنكِ أرقَى.
وتصعدُ روحِي
سماءكِ.. شوقا
بك القلب إن شقيَ
اليوم ينقى.
أحبّكِ.. يُزهر خدّي إذا
ما رويتِيهِ قُبلةْ.
إليكِ أعودُ.. وعشرون عامًا
معي
مثل طفلَةْ.
تَعاركُ فيَّ المآزقُ.. تعصفُ
لكن بحضنك
تُصبح قِلةْ.
تقبّل " أمّي " شفاهِي
خُطاكِ وأنتِ
رضاكِ لوجهيَ قِبلَةْ.
.
متى العيدُ؟
.
لمّا تعانقُ أروَى
رضًا، اِبتِسامةْ.
ويُرفع رضوان بالآيِ
نورًا، ويكبر هامَةْ.
.
ولمّا لرَوضة ينضج
حلمٌ.. ويصحو
أمام رؤاهَا حقيقةْ.
وترسمُ آمنةٌ خيطَ نورٍ
بفرشاةِ أحلامِ روح رقيقةْ.
.
ولمّا يلقن أوّاب بالحبّ
نطقًا
عَليًّا
ويكبر فيهِ، أخاهُ وزيرًا
ويكبر فيَّا..
ولمّا يبادلهُ القبلاتِ..
ويبتسم الخافقانِ سويَّا.
.
متى العيد؟
.

عندَ اكتمالِ الصّبايا
بلونِ الحياةْ.
وغيمةُ عِشقٍ على
وجهِ صبٍّ
يقربهُ الوجد / يَنهى حَياهْ.
.
متى العيدُ ؟
.
لمّا تعود خطانَا
لنا من جديدْ.
وأحكِي لها عن طريقٍ
طويلٍ، ودهر انتظارٍ
وحلمٍ بعيدْ.
وأمنيتِي البكرُ / أنّى أطلتُ المسيرَ إليها
تقول: المزيدْ.
سيأتي.
ونبدأُ من صِفر خطوٍ
إلى الدربِ خطوا..
ويُطوى.. كما قبله ألفَ
عيدٍ..
يجيئُ، ويُطوى.
ونسألُه كل عامٍ.. جديدْ
متى فيك - يا قلب - يضحك عيدْ؟





الأربعاء، 8 يوليو 2015

قَدر.

-
تعودُ إلى نفسِها، ككلّ مرةٍ تشعرُ فيها أنها تخاطبُ الفراغَ حين تتكلمْ، وأن صدى تحبهُ، لا يعود. تشعر بالأمان إذ تعود.

الناسُ تؤمن حين تريدَ الإيمان، غالبًا في الأقدار الخيرة، وترغب عن الإيمان إلى القنوط حينَ الابتلاء، هذا ما طُبع الناسُ عليه، وأنت، وأنا.
- لكنني قررت ألّا أقنط هذه المرة. لأنني أحب الحياة. أشعر أن السماء قريبة، وأن الله يَسمعني، أسأله أن يُرسل إليّ جنودَه كي أطمئن. تُقبّلني جدتي المؤمنة المتوفّاة في منامي، أصحو، الناس ليسوا بخير، لكنني أشعر بيقين أنني بخير.
.
الحياة رحبةٌ، والنور بيّن، والطريق طويلة محفوفة بالشوك والوردِ في آن واحد. في كلّ وردةٍ شوكة، وإِثر كلّ شوكةٍ أجر. نحنُ إذْ نعبر الطريقَ نرغبُ في الوردِ فقط، لكنّنا سنكون سذّجًا لو توقعنا الوردَ فقط.
.
الله واسع، والأفق فسيح، وقدر واحد سيء لا يعني بأنّ الله لا يحبك. بل يعني أنه يريدُ منكَ مزيدًا من اللجوءِ إليه، يريد أن يفرحَ بعودتِكَ. يذكّرك بأنّ الطريق إليه سَداد، والاعتمادُ عليهِ أمل. يُنبهك إليه لتعلم أن كل شيء في حياتك، منه، إليه. وأنه لم يَخلُقكَ ليضيّعك. لكنه سيعيدك إليه إن أنت ضيعتَه باللطف، أو حتى بالقوة.. المهم أن تعود. الله يحبّك فاطمئنّ.
.
كل من حولكَ لن يعيشَ حياتك، لكل حياته، الذين يحبونك لا يريدون أن يسمعوا عنك سوءًا، ربما لأنهم يخشون عليك السوء، أو ربما، لأن السوء عنك يُؤذيهم. المهم أن تؤمن أنت أن السوء في حياتك، قدرك، وأن الخير، أجلك. لا تلتفت كثيرًا. لا تلتفت إطلاقًا.
--
- لماذَا قتلتِ حياتكِ بيديكِ؟
. لأنّ الله حرّم الظلم على نفسه، وجعله بيننا محرّما.
^^







الثلاثاء، 2 يونيو 2015

وحي الثلاثاء.




.

انظر إليَّ.
نظرت.
.

(1)

الحياةُ لا تمنحنا حلول وسَط، وكثيرًا ما نقرر ما نطمح أن يُكسبنا حلًّا وسطًا.
.

(2)

من الحماقةِ بمكان، ومن السوء، أن لا نجرحَ إلا الذينَ حملوا قلوبنا بين أكفهم ومشوا رافعين أيديهم حتى لا يمسّها سوءٌ ولا هم يمسّوها بسوءٍ. من الحماقة أكثر، أن نرَى أنفسنا منتصرين دونهم.

.

(3)

يكونُ النظرُ إلى السّماء مُجديًا كثيرًا حينَ تعكسُ وجهكَ، حينَ تستطيع أن تراها بعينين مُشرعتينِ ثابتتين، عدا عن ذلك، الأرضُ أولى يا صديقي أنْ تُرى. الأرضُ تقبل الجميعَ دائمًا، ولا تكلّف أحدًا غير أثقالِه.
.

اسمعني.
أسمع.
.
(4)

القوة تكمن في الشيء الذي يبقى، الذي يتلفُ لا قوةَ لك فيه، ولا قوةَ عليكَ منه أيضًا.
القوةُ تكمنُ في الأشياء التي لا تفارق ولا تخذل، الأشياء التي تقابلكَ بما تطمح وكما تطمح، ولا تأخذ منكَ إلا كما تعطيك، هناك قوتك.
كل شيء آخر لا يمنحك ما تمنح، ويخذلك كلما تفرح، هذا ألقِ به في اليمِّ دونما صناديق رحمة ولا مقتضيات بقاء، أو اطرحْهُ أرضًا يخلُ لكَ وجهُ قلبك.
.
(5)

حينَ تحدثني عن الذاكرة يا صديقي، سـ أحدثك عنْ قلبك، وعن المِسك المُتّقد منه، وعن الحُرقة في قلبي، التي لم أطمح لها يومًا. هذه الذاكرة التي لن أسمح لي بتجاوزها، اطمئن.




الاثنين، 1 يونيو 2015

اللهمّ نَفسي.

..
نَفسي يا ربّ.
..

بينَ حزنٍ وآخر، تعودُ تناجيهِ: " اللهمّ لا تجعلني غصَّةً ولا تجعلني حُزنًا " وتكفّ.

تهرب من دموعِها، تنأى عن ذاتها، وذاتها تشيب.
تشيب الذّاتُ حينَ يُهمّش حُزنها، أو حينَ تُلقى في بئرٍ معطّلةٍ لتَأسى أو تَموت.
تشيبُ حينَ تجد نفسها مَليئة إلّا منها، مُخلصة إلا لها، مشغولة إلّا بها. تشيبُ حين تكرّر: لا بأسَ. لا بأس..

لا شيء أقسى من أن تضعَ نفسك في مكان لا يُشبهها، أن تتخلّى عنها لحظةَ ضعف وتضرب بتوسّلاتها عرضَ الحائط سوى الحرائق التي ستشتعل فيكَ وتحيط بك بعدَ ذلك. لا شيء أقسَى من أن تكتم صوتَها، وتحبس الحقيقةَ التي تُزعجك سوى سجلّ الندمِ الذي سيراودكَ آناء الليل وأطرافَ النهار. 

ضعيفة. أوهن من بيتِ عنكبوت. تقلِّم تأنيبَ الوجعِ بالوجع، وتقضي على الغصة، بغصّة، وتسلكُ الدرب الّذي ينحتُها.
" هذه النفس " ... تبدأُ بالتّقريع إلى الأبد. إلى الأبد هذه النّفس تستحقُ أن تُسحقَ تحتَ عجلةٍ كبيرةٍ دون هوادةٍ أو رحمة، تستحقُّ أن تلقى في البحرِ لكن دون صندوق موسى يحميها ويأخذها إلى جهةٍ كي يهيأ لها معجزةً تأنس بها، وليس يبتلعها حوت يونس كي يُلقي بها على الشاطئ ذاتَ تسبيح. هذه النّفس، تلقى لتغرق. فقط.

ليسَ أقدر عليكِ من نفسكِ أحد، وليس أولى بك منها أحد. هذا درس الحياةِ الأبدية. هذا إذا أردتِ أن تحيينَ. تحدّث ذاتها.
تتنهّد نهايةَ يومٍ طويل وابتسامات متكلّفة عريضة، وخز القلب لا يتوقف، هذا القلب تالِف كما يبدو أيضًا. تضغط عليهِ. تتذكر أنها يجب أن تدعو: " اللهم لا تجعلني غصةً، ولا تجعلني حُزنًا ". ثم تنتبه إلى نفسها، تستدرك: " ولا تجعل لي يارب غصّةً، ولا تجعل لي حزنًا ". 


- اللهم نفسي.


الثلاثاء، 26 مايو 2015

رِسالة قَصيرة.


- إييه، تبدو الحياةُ ساخطةً علينا قليلًا يا صديق، ونحن الذينَ أحسَنّا فيها طويلًا. ونحن الذينَ أحببنَاها.



-- هه، تعرف أنّنا سنعيشها على سخطِها برضا، لذا هي تمارس الضّغط علينا كما تشاء. ونحنُ نعيشها كما نشاء.



- متى نتصالحُ برأيكَ؟
متى ستضعُ كفّها على أكفّنا ونمشي طريقًا نُحبّه؟



-- امم
عندمَا نؤمنُ فقط. عندمَا نؤمن، سيبدو لنا المرُّ حُلوًا؛ لأنّنا نستلذّ الصّبر، ونستشعر هطولَ الرضا على قلوبِنا بردًا وسلامًا. عندمَا نشعر أن الدّموع طهارة، وأنّ الحُزن قوة، عندما نرفع أعيننا المثقلة ببكاءٍ طويلٍ إلى السماء، بدعاءٍ عريض. عندمَا نشرع أكفّنا إلى الله نقصدُ الرحمةَ ونتنهدُ بيقين. عندمَا نُطلق ابتساماتنا المُرهقة إلى الكون فتُزهر، ويُزهر، عندما نحبُّ أقصى ما نحبُّ ثم حينَ نُخذل نحبُّ أكثر. عندما...
يا صديقي، الحياةُ لا تضع كفّها على كفّ أحد، أنتَ اجبرها وضعْ كفّيك على كفيها. واشدد إلى الله حبلًا طويلًا بقلبكَ. الحياة بكفك، والله بقلبكَ. ثم امضِ سعيدًا.
...




الثلاثاء، 12 مايو 2015

وصيّة.



عندمَا أموتُ
لا تبكوني
أنا أخفُّ كثيرًا من الدّمعِ، وأقلّ من الحسرة.

ازرعوا وردةً في الممرّ ذاكَ، الذي يعبرهُ المُثقلونَ، ضعوا عنّي لُقمةً في فمِ محروم، احتضنوا يتيمًا. عنّي. آووا ضعيفًا. وألهِموا مُتعبًا. وأيقظوا غافلًا. عنّي. أنصتوا للسّماء، للرسائل التي لمْ تقلها لي بعد، للحقائق التي لم أرَها، للحكمة التي لا أتبيّنها، للحبّ الذي لم تُكتب له أرضٌ، وكتبت له سماءْ، وأرجو له الجنّة. لا ترهقوا مُتعبًا بالسّؤالِ.

.
بيدينِ اثنتين ودعاء. امسحُوا على قلبِ أمي، وأبي. على وجهِ أخي الصّغير الذي لمْ أشبع من عينيه، وعقدة حاجبيه، ولم أغرقْ في كفّه بعد. ثمّ لا تواسوا أحدًا أكثر، لأن الذي يَنسى لا يُواسى. وكلهم سينسون. وكلكم ستنسَون.

.
لا تستفزّوا المكان الذي حفِظني، وضجِر مني. الأرض الّتي أرهقتها بانحنائِي، والشُّجيرات التي استنطقت عينيّ، دعوها تمارسُ حزنَها ووحدتها من جديدٍ حتى تعرف ضيفًا جديدًا، وتنسَى. اتركوها صامتةً حتى تنسى. لا تستفزُّوها لأنها اكتشفتني أكثر.
..

أغمضوا عينيّ ولا تحدِّقوا فيهما قبل الإغماضِ، لا أريد أن تفلتَ مني حقيقة سعيتُ أن تموتَ معي. أو قلقٌ استأثرته لنفسي. والموتَى يعترفون بكثير، دَعوا ما ليَ، لي. أغمضوهُما. ثم صبوا عليّ مِسكًا، أروى تعلم تمامًا كم أُحبّ المسكَ. دعوهُ يكون عطرًا أخيرًا. ثم يدعو لي منكم الذي سأبقَى في قلبه، إن بقيتُ، حتّى ألقاهُ برحمة الله في الجنةِ، حين يتحقق دعاء الرحمة والمغفرة. وأشكرُ له دعاءهُ.




الاثنين، 11 مايو 2015

إضاءاتْ.


ستمشِي السّماءُ
على مقلتيكَ
ويعزِفكَ الكونُ / للكونِ
نايا.



سَيَزرعُك الله
وِردًا
جميلًا
ويُنبتُ قلبَكَ
وَردًا وآيا.



ستحفظكَ الأرضُ
أنّى مشيتَ.
وَتُسمعكَ الرّيحُ
عنّا
حكايَا



وتبتسمُ الأمنياتُ
جميعًا
وتضحكُ كلُّ الجهاتِ
سوايَا



...



على ضفّتينِ

نما الحُزنُ دمعًا.
وأرهقتِ الأرضُ
عنكمْ
خُطايَا



كأنّي
بـ صوتُ البكاءِ
وخوفي
سأنكرُ وجهِي بوجهِ المرايَا.



وأُرهِقُ هذَا الأنينَ
احتمالًا
وأسْكبُ مثلَ السماءِ.
غِنايَا



سَأصعدُ
أصْعدُ
حدَّ التَّلاشِي.
لـ ينتشلَ
النّورُ
مني
دُجايَا.



...



أرَى الشّعرَ

- أُمّي -
غناءً فسيحًا
وصوتًا يعيدُ
امتدادَ مدايَا.



أرانِي بدونِ القوافيَ
صِفرًا
أقلّبُ حُزني
وأتلو دُعايا.



وأنصتُ للعابرينَ
احتمالًا
وتحترفُ الموتَ
-أمي-
دمايَا.



تُراهُ..
سَينكُرني بعدَ حزنٍ
وتنفضني كفّتاهُ
شظايَا؟




------

السبت، 9 مايو 2015

حِوار عابر

(1)

- أشْعرُ أنّ قلبي سيقف. أظنّهُ يَستعجل نبضاته كي يدركَ النبضة الأخيرة.
- ليسَ بعد، اسأليهِ يتمهّل.
.
كأنّ قلبي بيدي. تنْسى - كونَها لم تدرس الأحياءَ ربّما - أن القلبَ عضلةٌ مُرهَقةٌ لا إراديّة، وأنّ نبضة في الوقتِ الخطأ قدْ تودي بحياةٍ كاملة. تنسى أنّ ثقبًا صغيرًا فيه يحتاجُ مقدارَ حياةٍ كاملة أيضًا كي يشفى، هذا إذا تيسّر له الشّفاء. إذا.

أحتاجُ نصًّا طويلًا، أقول لها، أحتاجُ نصًّا فارهًا جدًّا يُقنع هذا القلقَ بأن يُحرّرني قليلًا، ثمّ أستدرك، أُريد أن أتحرّر من هذا القلق في نصٍّ فارِه. هكذا أعدتُ الصّياغة، حتى لا تُكرّر عليّ كلماتِ الإرادة و و.. التي لا تحتَملني. ولا أحتملها. أقول بعد إطراقٍ، أو عَلى الأقلّ، أحتاجُ سفرًا طويلًا.

- مُترَفةٌ أنتِ. مُترَفة جدًّا.

طيب.

...

(2)


تمدّ نظرهَا إلى البحرِ أمامَها، تُغلق عينيها وتوقفُ حواسّها جميعًا، حواسّها الإراديّة طبعًا.
باستغرابٍ:
- تَشربين البحرَ؟ 

هههه نعم أشربُه، تفردُ كفّها وتشير إلى البحر، الكفّ مضطرب كموجةٍ قلقة، ساهمَة تنظر إلى البعييد جدًّا، دونَ أن تلتفت، لمَ لا نستطيع المشيَ على الماءِ أسألكِ؟

- امم، لوْ كانَ ممكنًا لوصلنا بعيدًا جدًّا.

تبتسم، لا، تتكلف ابتسامةً متطرفة، هذه الابتسامة مكلِفة.
طيب أنا أريد أن نصل بعيدًا، لمَ لا نستطيعُ أن نمشي على الماءِ، أسألكِ؟
نسيت كفّها معلقةً في الهواء.

- اممم.

تنظرُ إليها بعدَ كثير، علامةُ استفهامٍ جاثمة على رأسها، وأخرى بين جفنيهَا. 
تعودُ إلى الماءِ. لا جواب. ثم، على سبيل السّخافة، تقول: ربمّا يجب أن نمتلكَ أرجلًا أشبهَ بأرجل البطِّ أو أرجلًا محدّبة كَبطن سفينة. 
بطنها أو ظهرها؟ 
تَرسم بكفّها العالقة أخيرًا وجهًا محدبًا في الهواء.

ثمَّ، تلتفتُ للطّيرِ العابرِ أعلَى الماءِ، جناحه الثابت ورقصتهُ على صوتِ الموجةِ، يشبه كفها المضطربة قبل قليل. يشبهها تمامًا، راحت تقلص عينيها، ثم، هل هذا طائر نورس؟ 

- أظنّه غُراب.

هههههههه غرابٌ على الماء، الغراب يقف على عمود الكهرباء فقط، يعيش عليه، وربما يحترقُ به ذاتَ صاعقة. هذا ليسَ غُرابًا.

عصفور يمرّ من فوقها يُقاوم الريح بجناحهِ الصغير، يكاد يسقطُ على رأسها، يكاد قلبها أن يرتفع إليه حتى لا يسقط.
لا أحبّ للعصافير أن تسقطَ وهي تملك أجنحةً. السقوط لنا. نحن الذين لا نمتلك أجنحة واعتدنا على الأرضِ.

تعودُ تناقض نفسها، لكنني أنتمي إلى السّماء في الحقيقة، وإلّا لمَ لمْ أتصالح مع الأرضِ وقد وقفت عليها عشرينَ عامًا وسبعة أشهر؟ أنا أخجل أن أرفع عيني إلى السماء إلا إذا كانتْ مُشرعةً تمامًا، حتّى أستوعبها كما تفعل. ولم أعرّضُ قلبي لغيرها إطلاقًا. تحاول إقناع ذاتها.
..

(3)


الحياةُ ثقيلة - قليلًا - وإلّا ؟

- أنتِ تصنعينَ الحياةَ بيديكِ وتتحكّمـ ـيـ ...


ساهمةً مرةً أخرى، مُشكلتي هذه الأسئلة التي تلحّ عليّ ولا تنفد، والمشكلة الأخرى أنني لا أريد أن أسمعَ المزيد.
.