الثلاثاء، 2 يونيو 2015

وحي الثلاثاء.




.

انظر إليَّ.
نظرت.
.

(1)

الحياةُ لا تمنحنا حلول وسَط، وكثيرًا ما نقرر ما نطمح أن يُكسبنا حلًّا وسطًا.
.

(2)

من الحماقةِ بمكان، ومن السوء، أن لا نجرحَ إلا الذينَ حملوا قلوبنا بين أكفهم ومشوا رافعين أيديهم حتى لا يمسّها سوءٌ ولا هم يمسّوها بسوءٍ. من الحماقة أكثر، أن نرَى أنفسنا منتصرين دونهم.

.

(3)

يكونُ النظرُ إلى السّماء مُجديًا كثيرًا حينَ تعكسُ وجهكَ، حينَ تستطيع أن تراها بعينين مُشرعتينِ ثابتتين، عدا عن ذلك، الأرضُ أولى يا صديقي أنْ تُرى. الأرضُ تقبل الجميعَ دائمًا، ولا تكلّف أحدًا غير أثقالِه.
.

اسمعني.
أسمع.
.
(4)

القوة تكمن في الشيء الذي يبقى، الذي يتلفُ لا قوةَ لك فيه، ولا قوةَ عليكَ منه أيضًا.
القوةُ تكمنُ في الأشياء التي لا تفارق ولا تخذل، الأشياء التي تقابلكَ بما تطمح وكما تطمح، ولا تأخذ منكَ إلا كما تعطيك، هناك قوتك.
كل شيء آخر لا يمنحك ما تمنح، ويخذلك كلما تفرح، هذا ألقِ به في اليمِّ دونما صناديق رحمة ولا مقتضيات بقاء، أو اطرحْهُ أرضًا يخلُ لكَ وجهُ قلبك.
.
(5)

حينَ تحدثني عن الذاكرة يا صديقي، سـ أحدثك عنْ قلبك، وعن المِسك المُتّقد منه، وعن الحُرقة في قلبي، التي لم أطمح لها يومًا. هذه الذاكرة التي لن أسمح لي بتجاوزها، اطمئن.




الاثنين، 1 يونيو 2015

اللهمّ نَفسي.

..
نَفسي يا ربّ.
..

بينَ حزنٍ وآخر، تعودُ تناجيهِ: " اللهمّ لا تجعلني غصَّةً ولا تجعلني حُزنًا " وتكفّ.

تهرب من دموعِها، تنأى عن ذاتها، وذاتها تشيب.
تشيب الذّاتُ حينَ يُهمّش حُزنها، أو حينَ تُلقى في بئرٍ معطّلةٍ لتَأسى أو تَموت.
تشيبُ حينَ تجد نفسها مَليئة إلّا منها، مُخلصة إلا لها، مشغولة إلّا بها. تشيبُ حين تكرّر: لا بأسَ. لا بأس..

لا شيء أقسى من أن تضعَ نفسك في مكان لا يُشبهها، أن تتخلّى عنها لحظةَ ضعف وتضرب بتوسّلاتها عرضَ الحائط سوى الحرائق التي ستشتعل فيكَ وتحيط بك بعدَ ذلك. لا شيء أقسَى من أن تكتم صوتَها، وتحبس الحقيقةَ التي تُزعجك سوى سجلّ الندمِ الذي سيراودكَ آناء الليل وأطرافَ النهار. 

ضعيفة. أوهن من بيتِ عنكبوت. تقلِّم تأنيبَ الوجعِ بالوجع، وتقضي على الغصة، بغصّة، وتسلكُ الدرب الّذي ينحتُها.
" هذه النفس " ... تبدأُ بالتّقريع إلى الأبد. إلى الأبد هذه النّفس تستحقُ أن تُسحقَ تحتَ عجلةٍ كبيرةٍ دون هوادةٍ أو رحمة، تستحقُّ أن تلقى في البحرِ لكن دون صندوق موسى يحميها ويأخذها إلى جهةٍ كي يهيأ لها معجزةً تأنس بها، وليس يبتلعها حوت يونس كي يُلقي بها على الشاطئ ذاتَ تسبيح. هذه النّفس، تلقى لتغرق. فقط.

ليسَ أقدر عليكِ من نفسكِ أحد، وليس أولى بك منها أحد. هذا درس الحياةِ الأبدية. هذا إذا أردتِ أن تحيينَ. تحدّث ذاتها.
تتنهّد نهايةَ يومٍ طويل وابتسامات متكلّفة عريضة، وخز القلب لا يتوقف، هذا القلب تالِف كما يبدو أيضًا. تضغط عليهِ. تتذكر أنها يجب أن تدعو: " اللهم لا تجعلني غصةً، ولا تجعلني حُزنًا ". ثم تنتبه إلى نفسها، تستدرك: " ولا تجعل لي يارب غصّةً، ولا تجعل لي حزنًا ". 


- اللهم نفسي.