.
لا تسلْني عن وجهِ عاشقٍ يرى محبوبتهِ، أو شيئًا يخصها، شيئا منها، شيئًا تحبه. لا تسلْني عن ذاك البريق الهائج في عينيه، عن الكون المتفتح بين ضلوعه، عن الربيع الذي يجبره على الابتسام، والضحكة الخافتة تؤازها دمعة ماكثة طويلًا، مرآة فَتاته تلك الدمعة، لذلك سيُغمض عينيه عليها؛ لئلّا تُرى.
.
مساءً، كان يطيرُ أكثر من المعتاد، وهو المنكفئ على نفسه، لا يُحلّق خجلًا. حلّق أمام الفراشاتِ التي تشبهها، أمامَ الحياةِ الضاحكة، شفتاه ابتسامة الربيع، ابتسامة الأرض عند قطرة السماء الأولى بعد زمن انتظار. يبتسم كأنما يعرف طعم السعادة للمرة الأولى. ويستنشقها.
كم أحبّ هذا الطّغيان الشعوري، الارتباك. الخجل.
.
مساءً، كان لا يرى إلَّاها. كانت لا ترى إلّاه. كانا عصفورَين. ولا تسلني عن العصافير التي يشفّ عنها القلب. التي تغردُ رغمًا عنه، رغمًا عنها. كنتُ أبتسم لأني أحب أن يتصالح الكون مع الكائنات أحيانا. حتى ولو كان التصالح مؤقتًا. حتى ولو لم يتصالح معي. أحبّ أن أرى ذلك الوهج. ذلك الصخب الهادئ، الصامت. الذي يُنسيكَ لوهلةٍ خساراتكَ وانهزامكَ أمام الأشياء. ينسيكَ الوقت الثقييييل. أحب الخفة / الرقة / الانسجام / التماهي. أحبّ السكون والعمق.
.
هناك. للحظات. كنت أسعد من أي كائن آخر. ممتنة، في داخلي صوت " ربِح البيع ... ".