الأحد، 10 يناير 2016

بدون عنوان.

.
.
.
عندَ الغروب، اللحظة التي تتهيأ الشمس فيها للرحيل، تسحب خيوطها وتلملم نورها الذي نثرتْه نهارًا كاملًا، تستسلم للعودة خلف البحر كما أظن، تجري أحيانا خلف السحاب، وتنسحب خلف الجبل البعيد أحيانا أخرى. المهم أنها تنسحب في لحظة ما، وترحل بعد أن استنفد الكون طاقتها ونورها، وجحد دفئها وحرارتها المتذمرون من الحرارة الشديدة، والضوء الجارح. تغيب. 
غير أنها في غيابها لا تُجرح.
.
يشبه الأمر أن يمسك أحدهم قلبك أمامك، ويشرّحه، ويُمعن في ذلك طويلا، حتى يُزهقك، وتبقى أنت تنظر إليه مبتسمًا فيما يرسلك ممزقا إلى ألم بعيد. ويتسع ثقب القلب إثر كل جرح. إثر كل كلمة.

.
إليكِ:
لم تتعبي بعد. ما زلتِ واقفة تنظرين وتبتسمين، مصلوبة في حائط يستند بالذكرى، ويقف بالوجع. وتبتسمين أيتها الحمقاء الرّمادية كأن الألم لا يعنيك. كأن الثقب المتسع في يسارك ليس منك وليس فيك.

.
تشعرين كأنكِ تودّعين الأشياء. تتلمسينها بدهشة أولى كل مرة. تجدين لكل شيء ملمسا جديدا ومعنى آخر. يركض الوقت بين عينيك ويسقط رمادا. كل شيءٍ يعِد بانهيارٍ كامل في لحظةٍ ما. وأنت تنتظرين دون مبالاة.
.
تبحثين عمّا يعيدك إليك، تتخذين قرار أن تخسري بضع كيلو جرامات. ليس لشيء، لكن لتشعري بإنسانيتك أكثر. تشعرين بالحاجة للطفو بخفّة، يكفيك شعور واحد بالثقل.
تسامحين إلى الأبد، ليس لأنك واسعة طبعا، وليس لأن الخطأ عليك يهون. تسامحين هكذا دون سبب. دون مبرر. ربما لأنك تقررين أنه لم يعد في قلبك متسع لألم جديد.
.
تبحثين عن الكلمات المؤدية للمعنى. في هذا الصراع بين ما يمكن قوله وما لا. بين ما يجب وما لا. تضيع الكلمات سُدى. 
كل ليلة، تقفين على أطلال الحياة. تؤذين نفسك، تغزلين قلبك، تنقضينه عن بكرة أبيه وتدعينه مفتوحا على مصراعيه، يخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق.