٢٣-١٠-٢٠١٨ م
الساعة ٦:١٨ مساءً
يوم الثلاثاء
كان لي وعد مع لقاء استثنائي، أكرمني الله به، فقبِلت. كان لي وعد اللقاء بكِ. حبيبتي هبة، طفلتي التي تكمل اليوم عامها الأول. طفلتي التي أذاقني الله بها طعم الأمومة للمرة الأولى، وأذاقني حلاوتها، لذلك سأبقى دائما ( أم هبة ) وإن رُزقت بعدها بألفِ صَبيّ.
هبتي، مؤنستي وحبيبة قلبي وفرحي الأول الأكمل.. كل عامٍ أنتِ هنا يا حبيبتي، في عمق هذا القلب، في حقيقته الأصيلة، في قراره المكين. كل عام يضيء نوركِ روحي،كأنه شمس الربيع الدافئة، تُبشّرنا بالحُسن والوَردِ والحياة. كل عام أنتِ حبيبة أبيكِ، وعيني أنا.
مطرًا أتيتِ، أغاثَ الله بكِ فصولي جميعها، وأنبتَ من لحظ عينيك ومطر روحك ربيعي كله، رويتني حتى غدت الروح الجدباء عشبا أخضرا، وأزهر في جوانبي الغصن النحيل.
كل يوم، منذ فترة طويلة، وأنا خائفة من هذه اللحظة التي قررت صُنعها، لحظة كتابة هذه الرسالة لكِ، خائفة لأني لا أجيد فيكِ الكتابة، لقد انشغلت عن القصائد بكِ لأنكقصيدتي الأعذب، وسهوتُ عن بديع اللغة وجمالها، لأن عينيك أوجزَت كل شيء.
آمنتُ بكِ. منذ أن شعرت بكِ، قبل أن أراكِ، آمنتُ بكِ حتى أكاد أشعر أني قد رأيتك قبل هذا في عالم آخر، فتاة حُرّة تعرف نفسها وتحبّ ذاتها، وتحيا لِما تصبو إليه. آمنتُبكِ وأحببتك وما زلت في غمرة الحب هذه لا أفيق ولا أودّ أن أفيق وآهٍ يا للذة حبكِ يا حُلوة!
أحبكِ، أبلغ ما قد أقول لك أنني حقًّا أحبكِ، وأرجو أن لا تنسي هذا حين تكبرين. أحبّ عينيك حين تنظرين فأرى فيهما تلك اللمعة التي أعرفها جيدا، أحب شفاهك حينتنطقين وحين تضحكين، أحب وجهك الطافح بالبراءة المملوء بالنور، أحب حضنك الذي ألجأ إليه وأعترف دوما بحاجتي إليه وأعلم يقينا أنني أغرف منه حنانا أكثر مماتغرفين. أحب اتساعكِ الدائم لقلبي ولهفتكِ إليّ، أحبّ خطواتكِ المتأرجحة، أحبّ لحظات صمتك وتأمّلكِ، أحب حبّكِ لمن أحبّ، أحبّ رقّتكِ يا صغيرة ولُطفكِ، في صوتكِوحركتك ولغتك.. أحبّك جدا. في كل حالات خوفك وبكائك ومرضك وكمالك، أحبك أكثر مما تظنين.
منحتِني - بكرم من الله - عامًا من الأمومة، وهو عام ولدتُ فيه من جديد، أو ربما أقول منحت فيه روحا جديدة. عام عشت فيه مرّ اللحظات وحلوها، وقد كان في المرارةحلاوة، كنتِ أنتِ. تجلينَ عن قلبي مرارة الطريق بابتسامة، وتشقّين عن وجهي أبواب الضيق بحضن صغير واسع. لقد كنت أنتِ رغم مرارة الأمر وتعبه حبًّا يستحق كل ذلك.
كما قلت سابقا، كلما تذكرت هذه اللحظة التي نويت أن أكتب إليك فيها، أجّلت الأمر قليلا، يجب أن أكتبها في يوم الميلاد نفسه، لأن كل يوم معك بمثابة حياة تستحق أنأتذكرها وأنا أكتب. كل يوم معكِ هو بستان ورد، أيّتها الأخّاذة، وكلك عِطر دائم البوح.
قرأتُ مرة في مكان ما أنه لا يوجد حبّ غير مشروط، وأن لكل حبّ أسبابه، ثم كذّبت القول كله حين تأملتك في قلبي، وبين عيني.. ليس هذا حبًّا مشروطا أبدا. تماما كماتأملت حبّ أمي لي ولإخوتي. إنه حب الأمهات!
علمتني أن أحبّ أمي أكثر، وأن أسعى إلى قلبها أكثر. أمي هي المرأة التي لم تتوقف عن العطاء حتى في أكثر الأحيان شدّة، لقد كانت لنا المركب والشراع، وهي وجهة لانُخطئها جاهدين.
في أشدّ لحظات الضياع في عام الأمومة هذا، كانت تُنقذني ابتسامتكِ من الغرق، وترفعني كلمة " ماما " إلى مبلغٍ لم أحلم يومًا أن أصله. كم دعوت الله أن يطمئن قلبيفجئتِ أنتِ، وكم دعوته أن يريني الحكمة في كثير من الأزماتِ، فكنتِ أنتِ.
حفظك الله في أحشائي، ورغم خوفي وقلقي الذين يلازماني كظلّي، أؤمن بأنه سيحفظك ويرعاكِ، أستودعكِ الله لا كتفي ولا حضني، أرجو أن يصطنعكِ لنفسه، وأن يلقيعليك محبة منه فيحبك الصالحون من عباده، وأن يصنعك على عينيه، وأسأله أن تبقي معي، قرة عيني وقلبي كله، آمين ♥️.
....
ترنو إليّ
أميلُ كيْ ألقاهَا
وأغيبُ في حضنٍ يضمّ هواها
وأقبل الكفّ الصغيرة كلّما
مسكت بكفّيَ كي أقود خطاها
" ماما " تقولُ فيعزف القلب
الرهيف
حنانها
ودلالها
وغناها
وتقول " بابا " لهفةً وبراءةً
حتى لتغرق بالحنان أباها
كم ذبتُ في لغة الشفاه إذا حكت
لكأنّما لغز الجمال شفاها
لي في العيون: أمانُ قلبي..
كلما نظرت إليّ ذكرتُ من سواها
أهواكِ، " يا كلّ الذين أحبهم "
وأراكِ عينيَ
ضوءها
وسناها
أرقيكِ باسم اللهِ يا هبَة الهوى
صلّيت يا الله كي ترعاها
♥️