السبت، 28 مارس 2015

نداء باهت.




‏يا أمّتي
الطوفانُ يعظم خلفَنا
والفلْكُ تَجري نحوَ درب هلاكِ.

يا أمّتي
ضلّ الرّصاصُ طريقَهُ زمَنًا.
فأحرقَ
أرضكِ
وسَماكِ.

وتشتّتتْ فيكِ الحياةُ
وكلّما
" خِلتِ " انتصارًا.
كذبتكِ رؤاكِ..

يتقاتلونَ.. باِسمكِ المنسيّ.
هلْ سفكوا سِوى آمالكِ
ودماكِ ؟

رفعوا الجِهاد على ضلالِ رِماحهم
كذبًا. وألقوا في الظلامِ رُباكِ.

..


المجدُ - يا أمّي - شهيدٌ
واقفٌ كالظلّ.. يحرسُ أمنياتِ
مداكِ.

ويبيتُ في عينيهِ حزنُكِ دامعٌ.
إذْ تحملُ الأيامُ وجهَ عِداكِ.

ناجاكِ قبل مضيّهِ
متبتّلًا. صبًّا: لأجلكِ أنتِ
ليسَ سواكِ.

نادى على الزيتونةِ الغبراءِ
في ركنِ الطريقِ: سأستعيدُ
نَداكِ.

في جيبهِ..
البارود، محضُ كرامةٍ.
في قلبهِ:
وعدُ الحياةِ..
هواكِ.

وحبيبةٌ كتبتْ على أطلالهِ:
الحرّ غادَرَني. وقلتُ: فِداكِ.











































الجمعة، 20 مارس 2015

20-3

العشرين من آذار / 2014 / الخميس / التاسعة صباحًا، أو قبل ذلك بقليل.


تعرف؟ لولا أنّني أبتلع الشوق وأختنق بالغصّة الآن، لظننت كلّ ما حدثَ كابوسًا عابرًا. الأمرُ أقسى مما يجبُ. صدّقني.

العابرينَ على حياتنا كالأملِ، كالحُلم الخفيف البارد الأبيض، كالغيمةِ تُهدي مطرًا.. وتغيبُ أبدًا. كـ أنتَ.

لولا أنني ألتمسُ أثركَ في القلبِ، وأتكيءُ على الذاكرةِ، لولا أنني أراكَ في عيون المحبّين شاؤوا أم أبوا، لولا أنّ لسان أمك تفضح صبرَها، ولولا رائحةُ المكانِ وصوتُ الأثرِ لقلتُ أنّك لم تكنْ أكثر من حلم جميلْ.

حينَ رحلت استيقظَ شطرٌ في قلبي، وبقي يلحّ عليّ:
موتُ الشموسِ على أكتافنا.. وجعُ

ثم عجزتُ أن أكملهُ أو أؤجّله. تركته هكذا معلّقًا، كتبتُ بعدهُ:

أنا ماتت شموسيَ مُذ رحلتم
ويومَ لقائِنا ستعودُ شمسُ.

أصررتُ على الشمس؟
ربما لأنها أشبهُ الأشياءِ بك في إشراقكَ وغروبكَ ودفئكَ وذاكرتكَ التي أصبحنا مُثقلينَ بها. حين كنت أحاول أن أستبدل الحزنَ بقصيدةٍ، كما اعتدنا، أدركتُ أن القلم أضعف الإيمان، والقصيدة أضعف الشكوى، وأن الرسائل تكون أقل مما يجب حين تكون ثقيلةً. جدًّا.

بعدَ عامٍ: إبرةُ السّكري ما زالت في درجِ المكتبِ، بجانبها قطع شوكولاتة احتياطية لاحتماليةِ نزول معدل السكر في دمك ليلًا.

عمّي: كنتُ قد نويت أن آتيكَ بوردٍ في زيارةِ العصرِ، علّه يشفع لي تأخري وتقصيري، لكن الموتَ أسرع مني، ومن الوردةِ التي بكت حينَما لم تصلْك. لم يشفعْ لي عندكَ شيء.

أخيرًا: في شريعةِ الحياةِ يبقى الموتُ هو المسافة الأكبر الفاصلة بين اثنينِ. غير أنّ الآية انعكستْ فيكَ.
برعم الحبِّ لا يموتُ حينَ نموت، بل ينمو بحياةٍ أكبر، حتى وإنْ أنبتَ شوكًا. أحبّك.

الجمعة، 13 مارس 2015

كانتْ.

بسمِ اللهِ ربّ البحرِ
وربّ القلب
وربّ الحبّ
بسم اللهِ ربي وربكَ وربّ كلّ شيءٍ.
كانتْ تقولُ حين تقفُ على مشارِف البحرِ ينسابُ قلبُها حينَ ينسابُ، وتغرقُ  حتى تنسى، وتخرجُ طفلةً أخرى.

كانتْ تقلّم على حافتهِ أطرافَ الشّوقِ والوجعِ، كانتْ تقولُ: لا بأسَ. رغم البأسِ الذي يغمرها حينَ ترى الموجَ وتخشى الغرقَ.

ممتنّةٌ للوقتِ كانت، إذ الشمس تشبهها انطفاءً، والريحُ حيرى، والأفق في حضرةِ تلكَ الزرقة بعيد جدًّا، جدًّا، وشاقٌّ قليلًا، لكنّها اعتادت المشقة وألفتها على كلّ حال.

ممتنّة للصوتِ الأولِ الذي انسكبَ في قلبِها، للنداءِ الأول الذي أصبحَ أخيرًا أيضًا.

ممتنّة لقلبها وذاكرتِها، حيثُ لم يكونا عدوَّين للمرّةِ الأولى منذُ افتُتحَ الكونُ لناظِريهَا.

ممتنّةٌ للسّماءِ، فمنذُ أشرعتْ جبينها إليها، لم تُنكسهُ خجلًا، كانتْ تقتربُ كل يومٍ شبرًا، وقد شعرتْ أنّها تجاوزت الشبرَ بإصبعٍ في اليوم الأخير.

أمسكتْ حفنةً من الرمل، باعدتْ بين أصابعها، تفرقتْ عيناها تعدّ سقوطَ الرملِ، تتبعُ الواحدةَ الأخرى. كان الرملُ يسقطُ محمّلًا بذاكرةٍ صفراء، أمنية قديمة، تلاوة منسيّة، قصيدةٍ محفورة أو بعض موت. كان التوالي مرهقًا، والانتظارُ حتى النهايةِ مملّ.

كانتْ تنظرُ للبعيدِ.
هناك حتمًا شيءٌ لا يضعُ قَدَمًا على الأرضِ، إمّا أن يَسكنَ الرّيحَ أو يصّاعد إلى السّماء. هذا الشيء وحده الذي يستحق أن تحيا لأجله، وتموتْ.

كانتْ.