الثلاثاء، 12 مايو 2015

وصيّة.



عندمَا أموتُ
لا تبكوني
أنا أخفُّ كثيرًا من الدّمعِ، وأقلّ من الحسرة.

ازرعوا وردةً في الممرّ ذاكَ، الذي يعبرهُ المُثقلونَ، ضعوا عنّي لُقمةً في فمِ محروم، احتضنوا يتيمًا. عنّي. آووا ضعيفًا. وألهِموا مُتعبًا. وأيقظوا غافلًا. عنّي. أنصتوا للسّماء، للرسائل التي لمْ تقلها لي بعد، للحقائق التي لم أرَها، للحكمة التي لا أتبيّنها، للحبّ الذي لم تُكتب له أرضٌ، وكتبت له سماءْ، وأرجو له الجنّة. لا ترهقوا مُتعبًا بالسّؤالِ.

.
بيدينِ اثنتين ودعاء. امسحُوا على قلبِ أمي، وأبي. على وجهِ أخي الصّغير الذي لمْ أشبع من عينيه، وعقدة حاجبيه، ولم أغرقْ في كفّه بعد. ثمّ لا تواسوا أحدًا أكثر، لأن الذي يَنسى لا يُواسى. وكلهم سينسون. وكلكم ستنسَون.

.
لا تستفزّوا المكان الذي حفِظني، وضجِر مني. الأرض الّتي أرهقتها بانحنائِي، والشُّجيرات التي استنطقت عينيّ، دعوها تمارسُ حزنَها ووحدتها من جديدٍ حتى تعرف ضيفًا جديدًا، وتنسَى. اتركوها صامتةً حتى تنسى. لا تستفزُّوها لأنها اكتشفتني أكثر.
..

أغمضوا عينيّ ولا تحدِّقوا فيهما قبل الإغماضِ، لا أريد أن تفلتَ مني حقيقة سعيتُ أن تموتَ معي. أو قلقٌ استأثرته لنفسي. والموتَى يعترفون بكثير، دَعوا ما ليَ، لي. أغمضوهُما. ثم صبوا عليّ مِسكًا، أروى تعلم تمامًا كم أُحبّ المسكَ. دعوهُ يكون عطرًا أخيرًا. ثم يدعو لي منكم الذي سأبقَى في قلبه، إن بقيتُ، حتّى ألقاهُ برحمة الله في الجنةِ، حين يتحقق دعاء الرحمة والمغفرة. وأشكرُ له دعاءهُ.




هناك 5 تعليقات:

  1. وصية..
    وأيما وصية!
    قرأتها فلم أجد لها أخية..
    فاضت بعيني ..سرقت روحي بسرية..
    تأملتها بروية ..
    فأحسست كأنما هي ...هي خواطري العفوية

    بوركت كلماتك ألفه ...

    ردحذف
  2. الله :")
    بوركتِ أنتِ
    شكرًا كما يليقُ بكِ ❤

    ردحذف
  3. لكلماتكِ وقع خاص ونغم يطرب الروح..
    تذهلني الكمية الهائلة من الجمال التي تمتلكها كلمات ألفة.
    احببتها جدا وبدأت أجد أنني أردد بين فترة واخرى بعض ما تكتبين ...
    بوركت ألفة وبورك ابداعها .. وانا لجديدك في ترقب ♡♡♥

    ردحذف
    الردود
    1. جمالك وذوقك ورقيك..
      شكرًا لك كثيرًا ❤
      بارك الله قلبك.

      حذف
  4. أغمضوا عينيّ ولا تحدِّقوا فيهما قبل الإغماضِ، لا أريد أن تفلتَ مني حقيقة سعيتُ أن تموتَ معي. أو قلقٌ استأثرته لنفسي. :"( الله.

    ردحذف