السبت، 2 أكتوبر 2021

خذلان.

 فكرة سيئة، قلت لنفسي ذلك مرارًاكان الهرب فكرةً سيئة.

تجلس هناك، وحيدة، مأخوذة بعالم لا نراهتجلس مشتَّتة تارة، وتارة تبتسم لعابرة ألقت نكتة غير مضحكةتبدو متلهّفة إلى شيء غير موجود، شيء منالعدَم



في كلِّ مرة كنت أقطع صلتي بالأفكار التي تلازمني، وأقنع عقلي أنها لا تهمني، كانت تعود كالكابوس، مرعبة وقاصمةكانت تؤرقني كأنني الهدف الوحيدفي مرماها، وتهوي بي في وادٍ سحيقأنا غارقة، هذا ما أستطيع قوله وما يمكن تبريرهغارقة حتى أني لا أجد قدميّ وأوشك أفقد قلبي


أنا عالقة، في المنتصف من كلِّ شيءمن السعادة والأسى، من الرغبة والاكتفاء، من الشوق واليأسأنا عالقة حيث لا أحد يُقدِم على الإنقاذ ولا أحد يهربحيث المرء حبيس نفسه وموقعهأنا عالقة يا صديق، ولا أحد.


ألتفت كلّ صباح يمينا ويسارا أبحث عن إجابة، إجابة هي ملء عيني لكن لا أراها، ربما لأني لا أريد رؤيتها، وربما لأني أخشى ذلك.

ألتفت كل صباح لأرى الأيام تتمزق من حولنا، وتمزّقناكم تستحق هذه الحياة أن نبذل من أجلها؟ هل بمقدار ما تأخذ؟ هل بمقدار ما تعطي؟


أتأمّل كيف تُخلي الحياة سبيل الأرواح فجأة، يتخطّفنا الموت، يولد فرد جديدوهكذا تدور الأيامهل فعلا تستحق الحياة هذا الكفاح من أجلها؟ هل تستحقأن أزرع في رأسي ألما أو أن أطعن جاري في خاصرته؟


نتماهىننسى أننا قد نغادر الآن، أو ربما سيغادر من يقف بجوارنا، ربما سيغادر من نحمله في صدورنا، أو من نحمل عليه


ننسى أننا نقف في مكان ما بين الحياة والموت، طيلة الوقت، ولا نعرف حقيقة الأمر إلى أي منها نحن أقربواقفين كأننا على وعد مع الحياة أنها ستمهلنامزيدا من الوقتكأننا على وعد من الموت أنه ما يزال بعيدا جدا، قدر الحياة التي نأملها لنا ولمن نحب.


مخذولة جدا.

خذلت لأنني أمِلت ما لا يؤمل، أمِلت أن يتغير الناس، أن يصبح المرء فيهم أكثر إدراكا للحقيقة الأزلية؛ أنه لن يبقىأمِلت أن يسعى الناس إلى تحقيق الحُبّ،إلى تحقيق الرحمة، إلى تحقيق الخلافة التي أراد الله أن تتحققوهذا الخذلان يكبر لأننا نبتعد في كل مرة خطوة أوسع، خطوة أبعد مما نريد، ونتوقع في كلّمرة قُربا أكثر.



الاثنين، 11 نوفمبر 2019

مناجاة مُحِبّ

..
مِن بعيد، أراكِ تبتسمين
تظللكِ غيمةٌ لا تخفى على مَن يحبّكِ
تغربُ الشمس في قلبي، حدادًا حتى تتلاشى الغيمة.

لم أقُل لكِ أنني مستعدة لأحمل على ظهري جبلًا إن كان ذلك يعني أن تشيع السعادة في قلبك وأن تستعيدي الابتسامة الحقيقية في ثغرك، ذلك لأنني لا أطيق انكسارالهلال في وجهك، أيّتها الخلّابة المُذهلة.
..
شتّان بين الحياة في واسع سحرك وفرحك، وبينها في ضيقك وانكسارك، أنتِ، أيتها الأملُ الوَحيد الذي يوقِظ الأفراح في قلبي، أيتها الترياق الذي لا أعيش يومًا دونه،أيتها الشّمس المضيئة في غُرف قلبي المظلمة، يا نوّارة الحياة.
..
لا يقتلني سبب حُزنك
يقتلني الحزنُ نفسه، الحزن الذي لا يخجل حين يلبسكِ، وأنتِ لباسك النّور.
..
وبينما أنا هكذا غاضِبة تعيسة، أكتشف أنني لا أملكُ شيئا أستعيد به ألقكِ، ولا أملك مفاتيح سعادتك، وليس بيدي غير التعاسة والغضب
أكتشف أنكِ الحقيقةوحدك.

.. 
أناجيكَ مستوحشًا يا إلهي
وإن كانَ حوليَ من يسمعونْ

أناديكَ عزّ عليّ سؤالي
وهيْنٌ عليكَ - حبيبي - يكونْ

أحاطَ بقلبي حُزنٌ ثقيل
تكادُ تراه عليّ العيونْ

وما ليَ في الهمّ غير اللجوءِ
يثبّتني في الشتاتِ يَقينْ

أناجيك
جفّتْ سحائبُ روحِي
وما أنبتَ الدمعُ منها غُصونْ

أتيتكَ تغتالني يا إلهي
قلوب أمَلتُ لهنّ الجَبينْ

وقلتُ لتفدي هواها حياتي
ومُتّ مرارًا لكي يضحكونْ!

أناديكَ
ما ضرّني غيرَ أنّي
أهونُ عليهم.. إلهي أهونْ

لأجْلِ الذين أذابَ العناءُ
فؤادَهمُ حسرةً والجُفونْ

لأجلِ الذينَ تراهُم على الأرض
يمشونَ لكنهم ميّتينْ

أصلّي إلهي..
وحسبي أنكَ فوقَ الذينَ مضوا خاذلينْ

تشبثَ باسمك كل الذينَ
أضاعوا ابتساماتهم.. راجعينْ

رأوكَ بأرواحهمْ فاستغاثوا 
ونادوكَ في حوتِهم " يا مُعينْ "

إلهي..
لا خوف يغتال قلبًا مُحبًّا
إلهي
ولا يحزنونْ
..

الجمعة، 1 نوفمبر 2019

غِناءْ

...
كظِلِّ الغمامِ على كلّ سفحٍ
تُظلّلُ روحي
هوًى وانتِشاءْ
أتيتَ إلي كغيمٍ حنون
يبشر صحراءَ قلبي بماءْ
وغِبتَ ككلّ جميلٍ: يمرّ
ويسلكُ دربًا بغير انتِهاءْ
وما مسّني الضرّ حين ابتعدتَ
فبي أملٌ أن يكون لقاءْ
تملّكنِي الشوقُ
ظمآن قلبي
ولكنْ يحنُّ على كبرياءْ 
ويسكنُ...
هل ثمَّ نَوحٌ فصيحٌ
يباغتهُ فيسيل غِناءْ؟
قدِ انتصف الحُزن كبْد الحنينِ
فلا ظلَّ يُسكِنُني/ لا انتِماءْ
سقى الله قلبَكَ
كلّ الأماني إذا حضَر القلبُ صارتْ هباءْ
أسائله عن هوايَ فيبكي
ويُكثر فيّ الهوى والبكاءْ
بُعثتَ كما النور 
لا حدّ للنورِ يا صاحبي 
غيرَ سقفِ السّماءْ
..

الأربعاء، 23 أكتوبر 2019

إلى هِبة. عام سعيد!



٢٣-١٠-٢٠١٨ م
الساعة ٦:١٨ مساءً
يوم الثلاثاء
كان لي وعد مع لقاء استثنائي، أكرمني الله به، فقبِلتكان لي وعد اللقاء بكِحبيبتي هبة، طفلتي التي تكمل اليوم عامها الأولطفلتي التي أذاقني الله بها طعم الأمومة للمرة الأولى، وأذاقني حلاوتها، لذلك سأبقى دائما ( أم هبة ) وإن رُزقت بعدها بألفِ صَبيّ.

هبتي، مؤنستي وحبيبة قلبي وفرحي الأول الأكمل.. كل عامٍ أنتِ هنا يا حبيبتي، في عمق هذا القلب، في حقيقته الأصيلة، في قراره المكينكل عام يضيء نوركِ روحي،كأنه شمس الربيع الدافئة، تُبشّرنا بالحُسن والوَردِ والحياةكل عام أنتِ حبيبة أبيكِ، وعيني أنا.

مطرًا أتيتِ، أغاثَ الله بكِ فصولي جميعها، وأنبتَ من لحظ عينيك ومطر روحك ربيعي كله، رويتني حتى غدت الروح الجدباء عشبا أخضرا، وأزهر في جوانبي الغصن النحيل. 

كل يوم، منذ فترة طويلة، وأنا خائفة من هذه اللحظة التي قررت صُنعها، لحظة كتابة هذه الرسالة لكِ، خائفة لأني لا أجيد فيكِ الكتابة، لقد انشغلت عن القصائد بكِ لأنكقصيدتي الأعذب، وسهوتُ عن بديع اللغة وجمالها، لأن عينيك أوجزَت كل شيء.

آمنتُ بكِمنذ أن شعرت بكِ، قبل أن أراكِ، آمنتُ بكِ حتى أكاد أشعر أني قد رأيتك قبل هذا في عالم آخر، فتاة حُرّة تعرف نفسها وتحبّ ذاتها، وتحيا لِما تصبو إليهآمنتُبكِ وأحببتك وما زلت في غمرة الحب هذه لا أفيق ولا أودّ أن أفيق وآهٍ يا للذة حبكِ يا حُلوة!

أحبكِ، أبلغ ما قد أقول لك أنني حقًّا أحبكِ، وأرجو أن لا تنسي هذا حين تكبرينأحبّ عينيك حين تنظرين فأرى فيهما تلك اللمعة التي أعرفها جيدا، أحب شفاهك حينتنطقين وحين تضحكين، أحب وجهك الطافح بالبراءة المملوء بالنور، أحب حضنك الذي ألجأ إليه وأعترف دوما بحاجتي إليه وأعلم يقينا أنني أغرف منه حنانا أكثر مماتغرفينأحب اتساعكِ الدائم لقلبي ولهفتكِ إليّ، أحبّ خطواتكِ المتأرجحة، أحبّ لحظات صمتك وتأمّلكِ، أحب حبّكِ لمن أحبّ، أحبّ رقّتكِ يا صغيرة ولُطفكِ، في صوتكِوحركتك ولغتك.. أحبّك جدافي كل حالات خوفك وبكائك ومرضك وكمالك، أحبك أكثر مما تظنين.

منحتِني - بكرم من الله - عامًا من الأمومة، وهو عام ولدتُ فيه من جديد، أو ربما أقول منحت فيه روحا جديدةعام عشت فيه مرّ اللحظات وحلوها، وقد كان في المرارةحلاوة، كنتِ أنتِتجلينَ عن قلبي مرارة الطريق بابتسامة، وتشقّين عن وجهي أبواب الضيق بحضن صغير واسعلقد كنت أنتِ رغم مرارة الأمر وتعبه حبًّا يستحق كل ذلك.

كما قلت سابقا، كلما تذكرت هذه اللحظة التي نويت أن أكتب إليك فيها، أجّلت الأمر قليلا، يجب أن أكتبها في يوم الميلاد نفسه، لأن كل يوم معك بمثابة حياة تستحق أنأتذكرها وأنا أكتبكل يوم معكِ هو بستان ورد، أيّتها الأخّاذة، وكلك عِطر دائم البوح.

قرأتُ مرة في مكان ما أنه لا يوجد حبّ غير مشروط، وأن لكل حبّ أسبابه، ثم كذّبت القول كله حين تأملتك في قلبي، وبين عيني.. ليس هذا حبًّا مشروطا أبداتماما كماتأملت حبّ أمي لي ولإخوتيإنه حب الأمهات

علمتني أن أحبّ أمي أكثر، وأن أسعى إلى قلبها أكثرأمي هي المرأة التي لم تتوقف عن العطاء حتى في أكثر الأحيان شدّة، لقد كانت لنا المركب والشراع، وهي وجهة لانُخطئها جاهدين.

في أشدّ لحظات الضياع في عام الأمومة هذا، كانت تُنقذني ابتسامتكِ من الغرق، وترفعني كلمة " ماما " إلى مبلغٍ لم أحلم يومًا أن أصلهكم دعوت الله أن يطمئن قلبيفجئتِ أنتِ، وكم دعوته أن يريني الحكمة في كثير من الأزماتِ، فكنتِ أنتِ.

حفظك الله في أحشائي، ورغم خوفي وقلقي الذين يلازماني كظلّي، أؤمن بأنه سيحفظك ويرعاكِ، أستودعكِ الله لا كتفي ولا حضني، أرجو أن يصطنعكِ لنفسه، وأن يلقيعليك محبة منه فيحبك الصالحون من عباده، وأن يصنعك على عينيه، وأسأله أن تبقي معي، قرة عيني وقلبي كله، آمين ♥️.


....


ترنو إليّ
أميلُ كيْ ألقاهَا
وأغيبُ في حضنٍ يضمّ هواها

وأقبل الكفّ الصغيرة كلّما
مسكت بكفّيَ كي أقود خطاها

ماما " تقولُ فيعزف القلب
الرهيف
حنانها
ودلالها
وغناها

وتقول " بابا " لهفةً وبراءةً
حتى لتغرق بالحنان أباها

كم ذبتُ في لغة الشفاه إذا حكت
لكأنّما لغز الجمال شفاها

لي في العيونأمانُ قلبي..
كلما نظرت إليّ ذكرتُ من سواها

أهواكِ، " يا كلّ الذين أحبهم "
وأراكِ عينيَ
ضوءها
وسناها


أرقيكِ باسم اللهِ يا هبَة الهوى
صلّيت يا الله كي ترعاها


♥️